كلمات خاطرة الصَّفحةُ الأولى
قم و اكتب شيئاً عما يجري في بلادك. , الكلمات لخاطرة الصفحة الأولى , كلمات خاطرة الصفحة الأولى مكتوبة
كلمات خاطرة الصفحة الأولى
قمْ و اكتبْ شيئاً عمّا يجري في بلادِك.
أمرٌ غريبٌ أنَّك لا تحتفلُ و لا تندِّدُ بأيِّ حدثٍ كانَ.
– لا قيمة عندي للكتابةِ.
معظم النّاس تراهمُ يفرحونَ و يحزنونَ و يتضامنونَ، لمَ لا تفعلُ ذلك؟
– لا أحبِّذُ أنْ أكونَ صوتاً وحيداً يصرخُ بعيداً عنْ مداه، لا يُسمَعُ له صدى، و لا تصطدمُ به الحروفُ.
لكنَّكَ أحد أبناء هذه البلد!
– أنا أحد أبناء ذاك الوطن، و لكنَّ الحرب الدّائرة به ليستْ تعنيني أو ربّما كانتْ تعنيني، حينما كنتُ -يوماً- أشعرُ بها.
لا جدوى منَ القلقِ و التَّضامن في الحربِ الّتي لا تكونُ أنت طرفاً بها.
لكنَّكَ أحد أطرافها!
– ربّما كنتُ يوماً أحد عواملها، و لكنَّني لمْ أكنْ أبداً أحد أهدافِها، أو حتّى أحد المستفيدينَ منْ نتاجِها في المستقبلِ -إنْ كانَ لها نتاج- فلستُ طرفاً بها و نحنُ جميعاً لسنا أطرافاً بها.
أطراف الحرب هي الّتي تتنازعُ كي تصلَ لغايتِها، و أنا بلا شكّ لا أملكُ غايةً!
و العدل.. و الحريّة.. و المساواة؟
– أنا لا أؤمنُ بشيءٍ منْ ذلك، هذه المفاهيم لا تتناسبُ مع سكّان الأرض، و منَ المُحالِ أنْ أسعى لهدفٍ لا يناسبُني.
دعكَ منَ المصطلحاتِ و الشِّعاراتِ، أطفالُ بلادِكَ و نساؤها و رجالُها يموتون.. هلْ هذا لا يعني لكَ شيئاً؟
– الشَّعب الّذي أنتمي إليه يملكُ حالاً كحالي، الفرق بيني و بينهم أنّي هربتُ، هم معرّضون للموتِ و أنا معرَّضٌ للحياةِ، هم فرضيَّة المأساةِ، و أنا البرهانُ.
سيجيءُ اليوم الّذي تختلطُ به الأدوار، حينها سنعرفُ أنَّ الضَّحيَّة ستبقى ضحيَّةً مهما امتلكتْ دعماً و استعطافاً.
هذا لا يبرِّرُ ألّا تكتبَ عنهم!
– و كتابتي لا تبرِّرُ موتَهم، و لا توضِّحُ موتَهم، أنا لا أعرفُ أيّة حقيقةٍ تجري على تلك الأرضِ الّتي ذرفتني منذ سنين، الحقيقة الوحيدة الّتي أعلمُها أنَّهم يُقتلونَ و أنَّني هنا، لا صدق أملكهُ تجاه أيّة روايةٍ أقرؤها أو أسمعُها، حال النَّاس و شكواهم دائماً ما يكونُ مختلفاً عمّا يُقال.
إذاً.. فاكتبْ ما تراهُ حقيقيَّاً، فسِّرْ بصدقٍ خبايا الرّوح.
– لا أستطيع.
و لكنّك شاعرٌ..
– لهذا السّبب..
لمْ أفهمْ؟
– لأنَّ جميع الشُّعراءِ يكذبونَ!
ثابت خانكان