قصائد هشام الجخ الجديدة

قصائد هشام الجخ الجديدة ، هشام الجخ من الشعراء الشباب الذين اشتهرت أعمالهم بالمدفرة وهو لفظ يطلق على دمج طريقتي الشعر المتعارف عليهم الشعر العامي والشعر باللهجة الفصحى لذا هو من القلائل الذين يجمعون تلك الموهبة وهو ليس بملقي مجرد كلمات بل حينما تستمع لهشام الجخ يأخذك معه لعالم الشعر الناطق بلهجة صعيدية أصيلة والتي يشتهر بها هشام الجخ نسبة لنشأته الصعيدية حيث ينتمي لعائلة هوارة بالصعيد.

قصائد هشام الجخ الجديدة

%d9%82%d8%b5%d8%a7%d8%a6%d8%af-%d9%87%d8%b4%d8%a7%d9%85-%d8%a7%d9%84%d8%ac%d8%ae-%d8%a7%d9%84%d8%ac%d8%af%d9%8a%d8%af%d8%a9

قصائد هشام الجخ الجديدة

طبعا ما صليتش العِشا
المشهد الأول (السبت الأول من أكتوبر سنة 81)

كانت ككل نخيل بلدتنا تطل عليّ من أعلى سماء
وأنا أجمّع لعبتي سرا .. وأعيد تشكيل البناء
وقد اصطففنا في طابور الصبح ألهانا الغناء
في الطابق العلوي.. وقفَت هيبةً .. كفنار بحر ترتدي زي النساء
وتراقب الطابور في حزم وصمت بارعين .. فتستقيم ظهورنا
يعلو الهتاف تحية العلم المرفرف في الفناء
بإشارة منها يقود مدرس الألعاب ذو الصوت الجهور الصف نحو فصولنا
وبنظرة منها يدق العامل الجرس ابتداء الحصة الأولى
من أين يأتي كل هذا الحزم في نظراتها؟
وأنا أراها كلَّ ليل تطفئ الأنوار من حولي وتصنع خيمة من حبها
وتحيك دفء حنانها فوقي غطاء

وعلام يخشون الأساتذة الكبار وجودها
يعدّلون من هندامهم.. ويراقبون الصف عند مرورها
أنا لا أراها مثلهم
ما زلتُ لم أفهم حقيقة كونها أمي وناظرة بمدرستي
فأنا – كطفل – لا أفرق بين أحداث الصباح.. وبين أحداث المساء
لكنني ما زلت أذكر جيدا غضبي وضجري كلَّ ليل
حين يغلبني النعاسُ تهزني.. وتتهمُني أنني دوما أنام وقد سهيتُ عن العشاء
وقد سهتْ هي أنها ما تزال على يديها من وضوئي.. آثارُ ماء
بعدما صليتُ يا أمي العشاء

المشهد الثاني (6 أكتوبر 85)

يوم أجازة
لمّة خالاتي عندنا أو عند سِتّي
كلام حريم.. وانت خدتِ وانت جبتِ
أبويا كان يحس بلمة العيال.. يطير
واجواز خالاتي هكذا.. يوصّلوهم عند بير السلم بالكتير
ما اعرفش ليه بيقولوا على باب العمارة إنه بير
المهم عيال خالاتي يجولنا بدري، وأبويا ينزل.. وأنا الكبير!
أنا اللي أقول مين اللي يُقف، وأنا اللي أقول مين اللي يلعب
وأنا اللي أقول مين اللي ياكل، وأنا اللي أقول مين اللي يشرب
كنت أكبرهم وهما عيال يا عيني صغيرين
أنا كنت أرخم طفل عنده عشر سنين!
لما أغيب عن عين خالاتي يا إما تِلقاني ف مصيبة.. يا إما باعمل مشكلة
كنت عايش طول حياتي أسئلة
“ماما!.. بنصلي ليه؟”
“ماما!.. مين بابا حسني؟”
“ماما!.. يعني إيه عابر سبيل؟”
“ماما!.. يعني إيه راجل أصيل؟”
عيّل فَصِيل!
كنت باسأل أسئلة ولا ليها رد.. ولا ليها عازة
بس السؤال اللي سألته وقتها.. كان مهم

“احنا ليه واخدين أجازة؟”
لِمعتْ عنيها ساعتها لمعة باحبِها
اللمعة دي على طول بتظهر لما باعمل حاجة أمي تحبها
لما بانجح.. لما باسأل .. لما باتنرفز على إخواتي البنات لو حد كركر
لما باعمل أي حاجة تحسّ فيها إني باكبر
لفّتْ على الكرسي اللي عمّر عندنا عشرين سنة
وبدأِت حكاوي ودندنة
ساعتين حكاوي ودندنة
ع اللي اتضرب واللي اتفنى.. واللي اتهدم واللي اتبنى
أبطال هنا وشهداء هنا
وأنا وِدني أصلا مش هنا
كات ماما نجوى بتبدِي.. وأنا.. إلّا دي!
أنا لسة حاسمع حرب وأكتوبر وخط بارليف وأرض سينا ومين حماها ومين خطفها؟!
دي حكاوي تافهة!
كلام تقيل وكلام مجعلظ
ونجوى جت.. عايزين نبقلظ!
هرِبت من نص الكلام.. لكني فاكرُه
انا كنت آه عيل صحيح
لكني فاهم الكلام من أوله ولحد آخره
إن اسرائيل سرقت سلامي
وإن إسرائيل قتلت عمامي
وإننا زي النهاردة.. خدنا تارنا
داقوا نارنا
عرفوا طعم جند مصر في المعارك
وإن سوريا والجزاير والعراق والخليج وكله كله كله شارك
وإننا بعد امّا فزنا
بعد مّا شافوا الوحدة بتوسّع نفوزنا
وعلمنا بيرفرف عليهم تحت عينّا
دقوا نار الفتنة بينّا
كنت عيل بس فاكر.. كنت بالعب بس شاطر
كنت باحضر ماما نجوى وبابا ماجد
كنت أنام احلم بجونجر، وإني حاكبر.. أبقى مارد
يجمع العرب اللي تايهين.. صف واحد
وأبقى قائد
كنت أنام أحلم بأني ف موقعة حطين
وإني الأمير “هشام الدين”
ومعايا جيش وسع المكان
مالوش لا أول في الشمال ولا في اليمين
بإشارة من إيدي الحصون متدشدشة
وإشارة من سيفي الحشود متفركشة
وإشارة من أمي اللي جت بتهزني وتقول لي طبعا نمت قبل ما تصلي العشا

المشهد الثالث (1 أكتوبر 89)

مين يا خويا؟!
عيد ميلاد؟!
والله خلَّفت وعَلَفت!
وإنت أطول مني عايز عيد ميلاد .. امشي ياد
في اعدادية ولسة بتفكر يا شَحْط في عيد ميلاد
روح لابوك .. كلمه في الشغل
قل له وانت جاي .. عدّي هات لي نفّاخة
شوف العيال لما تكبر تتملي مساخة
ثم خد يا بعيد .. ايه اللي خلا يوم ميلادك اسمه عيد
يَكْش فاكر يوم ميلادك اختفت نار المجوس
ولا حد قالك ان لقينا يومها شوال فلوس
ده احنا كنا العيش يادوبك والغموس
كنا مش لاقيين نجيب لك هدمتين
ايه ياد السعادة اللي انت فيها دي ؟ جاياك منين؟
ده احنا أفقر فترة عشناها في حياتنا .. حملي بيك
كانت البلد ولا فيها زيت ولا فيها سكر
والجو بينا وبين كل العرب .. كان شان وعكّر
والسادات كان كل يوم .. شدوا الحزام .. شدوا الحزام
والإعارات اللي كانت في الخليج رجعوا لنا تاني
والجنيه مابقاش يجيب ولا جوز حمام ولا نص ضاني
كنا دايرين نستلف من القريب ومن البعيد .. خليته عيد؟؟؟!!!
بس عارف
لما قالوا جه ولد .. ضهري اتسند
رغم اني كنت مخلفة قبلك بنات .. كنت انت بكري
أبوك حريمه كلهم جابوا الولاد بدري
وجدتك – في غياب أبوك – كانت تلقح بالكلام
وانا طبعا اهري
حتى لو ماقالتش حاجة .. أحنا ستات
أوعر كلام بنقوله بنقوله بسكات
ماكانش ابوك يعرف يا ولدي انهم سمّوني بينهم .. أم البنات
وماكنتش اعرف حظي الاغبر .. وان خلفة الولاد
حتجيب لي نَطْع يقول لي عايز عيد ميلاد
اسمع يا ولدي
اسمع وركز في الكلام
النبي عليه الصلاة والسلام
كان يحتفل بعيد ميلاده .. زيك تمام
ازاي بقى؟؟؟ بالصيام
يعني انت بكرة تجيني صايم
عيد ميلاد يعني تقوى .. مش جاتوه وباتوه وعزايم
ولا اقول لابوك على الدرجتين اللي نقصوا في التاريخ
مش عايز تعلّق نفاخات ؟؟ أجيب لك النفّيخ
خش ذاكر
أيوة واتنغوج وخبّط في البيبان .. هو يعني ابوك مسافر
بس ييجي وكل ده حيوصل له حاضر