اليأس القاتل قصة قصيرة – طيبة خالد

اليأس القاتل قصة قصيرة مكتوبة, قصة يأس قاتل من القصص القصيرة الحزينة التي تتحدث عن اليأس القاتل لمن يصيبه احباط او مرض , وهي مدونة بأسم الكاتبة : طيبه خالد

اليأس القاتل

اليأس القاتل
صورة تعبيرية عن اليأس

هذا اليأس سيقتلك
نظر إلي
كان جالسًا ويده اليمنى متكئة على ركبته
بينما لوى قدمهُ اليُسرى تحتها
عيناهُ ذابلتانِ كَساهُما اللونُ الأحمر وحولهُما هالةٌ سوداءُ أشبهُ بالمغارةِ
خطوطٌ كثيرة ملئت وجههُ النحيل
وجسدهُ الذي انهكهُ المرض واكتسى بسوادِ العلاجي الكيماوي
كانَ كومة يأسٍ مُتحركة
قال الأطباءُ بإنكَ بخير وستخرجُ قريبًا
قلَّبتُ أوراق تقريرهُ الطبي وأنا اختلسُ النظرَ إليه وهو ينظرُ بعيدًا عني ولا يكادُ يسمعني
قُلت مُحفزةً إياهُ :
لقد تلاشت الأورامُ السرطانيةُ منك
إنهم يكذِبون
قالها بابتسامة باهتة
الكذبُ صِفة مُلازمةٌ للأطباء
نظر إليَّ بحدة ثُم تراخت نظراته قائلًا:
ربما لستِ كذلك الآن ، ولكن ستتعلمين هذا مُستقبلًا ”
كانَ أول مريضٍ أُشرفُ على رعايته
كان يؤثرُ فيَّ كثيرًا ، ولا أستطيعُ منع ذلك
لستُ مُضطرةً لأن أكذب على غيري
قلتُ مستدركةً لكلامه بعد لحظةٍ من الصمت
بلى، سيضطركِ ذلك ، ثم سيصبحُ عادة
خفضَ بصرهُ وأخذَ يعبثُ بأصابعه
قُلتُ أخيرًا :
أمامك فحصٌ أخير بعد أسبوعين ، ثم يُعطى لك إذنٌ بالخروج
سأبقى هُنا ، فأنا لم أُشفَ بعد
قُلتُ بأملٍ عساهُ ينفرجُ قليلًا :
جميعُ مؤشراتُك الحيوية تدلُ على أنك بخير وتتحسنُ بشكلٍ كبير
قال ولا يزال يشيحُ بوجهه ولا يلتفت :
كلا ، لا أشعرُ بهذا
كان مُستفزًا بكلامه ، عِنادهُ غير المرغوب
تقدمتُ نحوهُ ووقفتُ أمامه
قُلتُ ممازحةً إياهُ :
لِمَ لا تمُت إذا
أبتسم ونظر إليَّ هذه المرة وقال :
هذا ما سيحصل
لم أستطع تمالُك نفسي ، شعرتُ بوخزٍ في يدي بعدما لامست وجههُ
رأيتُ كيف طُبِع كفي على خدهِ الأيسر
أنتِ لطيفة ، حتى مع هذهِ الصفعة لا تزالين لطيفة
تِلك الإبتسامةُ الصفراءُ نفسُها لا تُفارق شِفاهه
عيناي تدمعان ويدي تؤلمُني ، لقد آلمتهُ كثيرًا
عندما تتدخلُ العاطفةُ في عمل الطبيب عليهِ أن يُقصى مؤقتًا
كان هذا آخرُ ماسمعتهُ منهُ بعدما أدرتُ ظهري مُغادِرةً الغرفة
لم أشعُر بأنني بخير منذُ خُروجي
ولم أستطع البقاء أكثر
أخذتُ إجازةً مُتعلِّلةً بالمرض ، حتى الفحصِ الأخير
ولكن إتصالٌ من المشفى حمل إليَّ الخبر مُبكرًا
لقد فارق الحياة
يأسهُ كان قاتلًا مُحترفًا
تركَ لي رسالة
لم يكذِبوا ياعزيزتي ولكنني لم أُصدقهم
رأيتُهم يموتون ، كُنتُ سأموت على كُلِّ حال
لقد كُنتِ لطيفة وأنتِ تُحاولين إقناعي
ولكنني فُزت
الموتُ ألطفُ من المرض
امتلئت الورقة وتبللت حتى سالَ الحِبرُ من عليها
تمنيتُ لو بقيت هُنا
لو كُنتُ بقيتُ بجانبه
أفحصُ مؤشراته ، نبضه ، دقات قلبهِ التي تضطربُ متى دخلت الغُرفة
ارتباكهُ الدائم الذي يُخفيه
نظراتهُ البعيدة
تصرفاته القاسية احيانًا
لو بقيتُ لأحظى بكل هذا
مرة أخيرة

لقد أحببتهُ فِعلًا

 

اليأس القاتل